سورة آل عمران - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (آل عمران)


        


{إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (36)}
فيه ثمان مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ} قال أبو عبيدة: {إِذْ} زائدة.
وقال محمد بن يزيد: التقدير أذكر إذ.
وقال الزجاج: المعنى واصطفى آل عمران إذ قالت امرأة عمران. وهي حنة بالحاء المهملة والنون بنت فاقود بن قنبل أم مريم جدة عيسى عليه السلام، وليس باسم عربي ولا يعرف في العربية حنة اسم امرأة.
وفي العربية أبو حنة البدري، ويقال فيه: أبو حبة بالباء بواحدة وهو أصح، واسمه عامر، ودير حنة بالشام، ودير آخر أيضا يقال له كذلك، قال أبو نواس:
يا دير حنة من ذات الاكيراح *** من يصح عنك فإني لست بالصاحي
وحبة في العرب كثير، منهم أبو حبة الأنصاري، وأبو السنابل بن بعكك المذكور في حديث سبيعة حبة، ولا يعرف خنة بالخاء المعجمة إلا بنت يحيى بن أكثم القاضي، وهي أم محمد بن نصر، ولا يعرف جنة بالجيم إلا أبو جنة، وهو خال ذي الرمة الشاعر. كل هذا من كتاب ابن ماكولا.
الثانية: قوله تعالى: {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً} تقدم معنى النذر، وأنه لا يلزم العبد إلا بأن يلزمه نفسه. ويقال: إنها لما حملت قالت: لئن نجاني الله ووضعت ما في بطني لجعلته محررا. ومعنى: {لَكَ} أي لعبادتك. {مُحَرَّراً} نصب على الحال وقيل: نعت لمفعول محذوف، أي إني نذرت لك ما في بطني غلاما محررا، والأول أولى من جهة التفسير وسياق الكلام والاعراب: أما الاعراب فإن إقامة النعت مقام المنعوت لا يجوز في مواضع، ويجوز على المجاز في أخرى، وأما التفسير فقيل إن سبب قول امرأة عمران هذا أنها كانت كبيرة لا تلد، وكانوا أهل بيت من الله بمكان، وأنها كانت تحت شجرة فبصرت بطائر يزق فرخا فتحركت نفسها لذلك، ودعت ربها أن يهب لها ولدا، ونذرت إن ولدت أن تجعل ولدها محررا: أي عتيقا خالصا لله تعالى، خادما للكنيسة حبيسا عليها، مفرغا لعبادة الله تعالى. وكان ذلك جائزا في شريعتهم، وكان على أولادهم أن يطيعوهم. فلما وضعت مريم قالت: {رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى} يعني أن الأنثى لا تصلح لخدمة الكنيسة. قيل لما يصيبها من الحيض والأذى.
وقيل: لا تصلح لمخالطة الرجال. وكانت ترجو أن يكون ذكرا فلذلك حررت.
الثالثة: قال ابن العربي: لا خلاف أن امرأة عمران لا يتطرق إلى حملها نذر لكونها حرة، فلو كانت امرأته أمة فلا خلاف أن المرء لا يصح له نذر في ولده وكيفما تصرفت حاله، فإنه إن كان الناذر عبدا فلم يتقرر له قول في ذلك، وإن كان حرا فلا يصح أن يكون مملوكا له، وكذلك المرأة مثله، فأي وجه للنذر فيه؟ وإنما معناه- والله أعلم- أن المرء إنما يريد ولده للانس به والاستنصار والتسلي، فطلبت هذه المرأة الولد أنسا به وسكونا إليه، فلما من الله تعالى عليها به نذرت أن حظها من الانس به متروك فيه، وهو على خدمة الله تعالى موقوف، وهذا نذر الأحرار من الأبرار. وأرادت به محررا من جهتي، محررا من رق الدنيا وأشغالها، وقد قال رجل من الصوفية لامه: يا أمه: ذريني لله أتعبد له وأتعلم العلم، فقالت نعم. فسار حتى تبصر ثم عاد إليها فدق الباب، فقالت من؟ فقال لها: ابنك فلان، قالت: قد تركناك لله ولا نعود فيك.
الرابعة: قوله تعالى: {مُحَرَّراً} مأخوذ من الحرية التي هي ضد العبودية، من هذا تحرير الكتاب، وهو تخليصه من الاضطراب والفساد.
وروى خصيف عن عكرمة ومجاهد:
أن المحرر الخالص لله عز وجل لا يشوبه شيء من أمر الدنيا. وهذا معروف في اللغة أن يقال لكل ما خلص: حر، ومحرر بمعناه، قال ذو الرمة:
والقرط في حرة الذفرى معلقة *** تباعد الحبل منه فهو يضطرب
وطين حر لا رمل فيه، وباتت فلانة بليلة حرة إذا لم يصل إليها زوجها أول ليلة، فإن تمكن منها فهي بليلة شيباء.
الخامسة قوله تعالى: {فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى} قال ابن عباس: إنما قالت هذا لأنه لم يكن يقبل في النذر إلا الذكور، فقبل الله مريم. و{أُنْثى} حال، وإن شئت بدل. فقيل: إنها ربتها حتى ترعرعت وحينئذ أرسلتها، رواه أشهب عن مالك: وقيل: لفتها في خرقتها وأرسلت بها إلى المسجد، فوفت بنذرها وتبرأت منها. ولعل الحجاب لم يكن عندهم كما كان في صدر الإسلام، ففي البخاري ومسلم أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فماتت. الحديث.
السادسة: قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ} هو على قراءة من قرأ {وضعت} بضم التاء من جملة كلامها، فالكلام متصل. وهى قراءة أبي بكر وابن عامر، وفيها معنى التسليم لله والخضوع والتنزيه له أن يخفى عليه شي، ولم تقله على طريق الاخبار لان علم الله في كل شيء قد تقرر في نفس المؤمن، وإنما قالته على طريق التعظيم والتنزيه لله تعالى. وعلى قراءة الجمهور هو من كلام الله عز وجل قدم، وتقديره أن يكون مؤخرا بعد {وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36] والله أعلم بما وضعت، قال المهدوي.
وقال مكي: هو إعلام من الله تعالى لنا على طريق التثبيت فقال: والله أعلم بما وضعت أم مريم قالته أو لم تقله. ويقوي ذلك أنه لو كان من كلام أم مريم لكان وجه الكلام: وأنت أعلم بما وضعت، لأنها نادته في أول الكلام في قولها: رب إني وضعتها أنثى. وروي عن ابن عباس {بما وضعت} بكسر التاء، أي قيل لها هذا.
السابعة: قوله تعالى: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى} استدل به بعض الشافعية على أن المطاوعة في نهار رمضان لزوجها على الوطي لا تساويه في وجوب الكفارة عليها، ابن العربي، وهذه منه غفلة، فإن هذا خبر عن شرع من قبلنا وهم لا يقولون به، وهذه الصالحة إنما قصدت بكلامها ما تشهد له به بينة حالها ومقطع كلامها، فإنها نذرت خدمة المسجد في ولدها، فلما رأته أنثى لا تصلح وأنها عورة اعتذرت إلى ربها من وجودها لها على خلاف ما قصدته فيها. ولم ينصرف {مَرْيَمَ} لأنه مؤنث معرفة، وهو أيضا أعجمي، قال النحاس. والله تعالى أعلم.
الثامنة: قوله تعالى: {وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ} يعني خادم الرب في لغتهم. {وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ} يعني مريم. {وَذُرِّيَّتَها} يعني عيسى. وهذا يدل على أن الذرية قد تقع على الولد خاصة.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان فيستهل صارخا من نخسة الشيطان إلا ابن مريم وأمه» ثم قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم: {وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ}. قال علماؤنا: فأفاد هذا الحديث أن الله تعالى استجاب دعاء أم مريم، فإن الشيطان ينخس جميع ولد آدم حتى الأنبياء والأولياء إلا مريم وابنها. قال قتادة: كل مولود يطعن الشيطان في جنبه حين يولد غير عيسى وأمه جعل بينهما حجاب فأصابت الطعنة الحجاب ولم ينفذ لها منه شي، قال علماؤنا: وإن لم يكن كذلك بطلت الخصوصية بهما، ولا يلزم من هذا أن نخس الشيطان يلزم منه إضلال الممسوس وإغواؤه فإن ذلك ظن فاسد، فكم تعرض الشيطان للأنبياء والأولياء بأنواع الإفساد والإغواء ومع ذلك فعصمهم الله مما يرومه الشيطان، كما قال تعالى: {إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ} [الحجر: 42]. هذا مع أن كل واحد من بني آدم قد وكل به قرينه من الشياطين، كما قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمريم وابنها وإن عصما من نخسه فلم يعصما من ملازمته لهما ومقارنته. والله أعلم.


{فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (37) هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ (38)}
قوله تعالى: {فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ} المعنى: سلك بها طريق السعداء، عن ابن عباس.
وقال قوم: معنى التقبل التكفل في التربية والقيام بشأنها.
وقال الحسن: معنى التقبل أنه ما عذبها ساعة قط من ليل ولا نهار. {وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً} يعني سوى خلقها من غير زيادة ولا نقصان، فكانت تنبت في اليوم ما ينبت المولود في عام واحد. والقبول والنبات مصدران على غير المصدر، والأصل تقبلا وإنباتا. قال الشاعر:
أكفرا بعد رد الموت عني *** وبعد عطائك المائة الرتاعا
أراد بعد إعطائك، لكن لما قال: {أَنْبَتَها} دل على نبت، كما قال امرؤ القيس:
فصرنا إلى الحسنى ورق كلامنا *** ورضت فذلت صعبة أي إذلال
وإنما مصدر ذلت ذل، ولكنه رده على معنى أذللت، وكذلك كل ما يرد عليك في هذا الباب. فمعنى تقبل وقبل واحد، فالمعنى فقبلها ربها بقبول حسن. ونظيره قول رؤبة:
وقد تطويت انطواء الحضب ***
الأفعى لأن معنى تطويت وانطويت واحد، ومثله قول القطامي:
وخير الأمر ما استقبلت منه *** وليس بأن تتبعه اتباعا
لان تتبعت واتبعت واحد.
وفي قراءة ابن مسعود {وأنزل الملائكة تنزيلا} لأن معنى نزل وأنزل واحد.
وقال المفضل: معناه وأنبتها فنبتت نباتا حسنا. ومراعاة المعنى أولى كما ذكرنا. والأصل في القبول الضم، لأنه مصدر مثل الدخول والخروج، والفتح جاء في حروف قليلة، مثل الولوع والوزوع، هذه الثلاثة لا غير، قال أبو عمرو الكسائي والأئمة. وأجاز الزجاج {بقبول} بضم القاف على الأصل.
قوله تعالى: {وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا} أي صمها إليه. أبو عبيدة: ضمن القيام بها. وقرأ الكوفيون {وَكَفَّلَها} بالتشديد، فهو يتعدى إلى مفعولين، والتقدير وكفلها ربها زكريا، أي ألزمه كفالتها وقدر ذلك عليه ويسره له.
وفي مصحف أبي {وَكَفَّلَها} والهمزة كالتشديد في التعدي، وأيضا فإن قبله {فَتَقَبَّلَها}، {وَأَنْبَتَها} فأخبر تعالى عن نفسه بما فعل بها، فجاء {كَفَّلَها} بالتشديد على ذلك. وخففه الباقون على إسناد الفعل إلى زكريا. فأخبر الله تعالى أنه هو الذي تولى كفالتها والقيام بها، بدلالة قوله: {أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 44]. قال مكي: وهو الاختيار، لأن التشديد يرجع إلى التخفيف، لأن الله تعالى إذا كفلها زكريا كفلها بأمر الله، ولان زكريا إذا كفلها فعن مشيئة الله وقدرته، فعلى ذلك فالقراءتان متداخلتان.
وروى عمرو بن موسى عن عبد الله بن كثير وأبي عبد الله المزني {وكفلها} بكسر الفاء. قال الأخفش: يقال كفل يكفل وكفل يكفل ولم اسمع كفل، وقد ذكرت. وقرأ مجاهد {فتقبلها} بإسكان اللام على المسألة والطلب. {ربها} بالنصب نداء مضاف. {وأنبتها} بإسكان التاء {وكفلها} بإسكان اللام {زكرياء} بالمد والنصب. وقرأ حفص وحمزة والكسائي {زَكَرِيَّا} بغير مد ولا همز، ومده الباقون وهمزوه.
وقال الفراء: أهل الحجاز يمدون {ز كرياء} ويقصرونه، واهل نجد يحذفون منه الألف ويصرفونه فيقولون: زكرى. قال الأخفش: فيه أربع لغات: المد والقصر، وزكري بتشديد الياء والصرف، وزكر ورأيت زكريا. قال أبو حاتم: زكري بلا صرف لأنه أعجمي وهذا غلط، لأن ما كان فيه {يا} مثل هذا انصرف مثل كرسي ويحيى، ولم ينصرف زكرياء في المد والقصر لان فيه ألف تأنيث والعجمة والتعريف.
قوله تعالى: {كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً} إلى قوله: {إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ}. فيه أربع مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ} المحراب في اللغة أكرم موضع في المجلس. وسيأتي له مزيد بيان في سورة مريم. وجاء في الخبر: إنها كانت في غرفة كان زكريا يصعد إليها بسلم. قال وضاح اليمن:
ربة محراب إذا جئتها *** لم ألقها حتى ارتقى سلما
أي ربة غرفة. روى أبو صالح عن ابن عباس قال: حملت امرأة عمران بعد ما أسنت فنذرت ما في بطنها محررا فقال لها عمران: ويحك! ما صنعت؟ أرأيت إن كانت أنثى؟ فاغتما لذلك جميعا. فهلك عمران وحنة حامل فولدت أنثى فتقبلها الله بقبول حسن، وكان لا يحرر إلا الغلمان فتساهم عليها الأحبار بالأقلام التي يكتبون بها الوحي، على ما يأتي. فكفلها زكريا واخذ لها موضعا فلما أسنت جعل لها محرابا لا يرتقي إليه إلا بسلم، واستأجر لها ظئرا وكان يغلق عليها بابا، وكان لا يدخل عليها إلا زكريا حتى كبرت، فكانت إذا حاضت أخرجها إلى منزله فتكون عند خالتها وكانت خالتها امرأة زكريا في قول الكلبي. قال مقاتل: كانت أختها امرأة زكريا. وكانت إذا طهرت من حيضتها واغتسلت ردها إلى المحراب.
وقال بعضهم: كانت لا تحيض وكانت مطهرة من الحيض. وكان زكريا إذا دخل عليها يجد عندها فاكهة الشتاء في القيظ وفاكهة القيظ في الشتاء فقال: يا مريم أنى لك هذا؟ فقالت: هو من عند الله. فعند ذلك طمع زكريا في الولد وقال: إن الذي يأتيها بهذا قادر أن يرزقني ولدا. ومعنى: {أَنَّى} من أين، قاله أبو عبيدة. قال النحاس: وهذا فيه تساهل، لان أين سؤال عن المواضع وأنى سؤال عن المذاهب والجهات. والمعنى من أي المذاهب ومن أي الجهات لك هذا. وقد فرق الكميت بينهما فقال:
أنى ومن أين آبك الطرب *** من حيث لا صبوة ولا ريب
و{كُلَّما} منصوب ب {وَجَدَ}، أي كل دخلة. {إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ} قيل: هو من قول مريم، ويجوز أن يكون مستأنفا، فكان ذلك سبب دعاء زكريا وسؤاله الولد.
الثانية: قوله تعالى: {هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ} هنالك في موضع نصب، لأنه ظرف يستعمل للزمان والمكان وأصله للمكان.
وقال المفضل بن سلمة: {هُنالِكَ} في الزمان و{هناك} في المكان، وقد يجعل هذا مكان هذا. {هَبْ لِي} أعطني. {مِنْ لَدُنْكَ} من عندك. {ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} أي نسلا صالحا. والذرية تكون واحدة وتكون جمعا ذكرا وأنثى، وهو هنا واحد. يدل عليه قوله. {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} [مريم: 5] ولم يقل أولياء، وإنما أنث {طَيِّبَةً} لتأنيث لفظ الذرية، كقوله:
أبوك خليفة ولدته أخرى *** وأنت خليفة ذاك الكمال
فأنث ولدته لتأنيث لفظ الخليفة. وروي من حديث أنس قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أي رجل مات وترك ذرية طيبة أجرى الله مثل أجر عملهم ولم ينقص من أجورهم شيئا». وقد مضى في البقرة اشتقاق الذرية. {طَيِّبَةً} أي صالحة مباركة. {إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ} أي قابله، ومنه: سمع الله لمن حمده.
الثالثة: دلت هذه الآية على طلب الولد، وهي سنة المرسلين والصديقين، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً} [الرعد: 38].
وفي صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال: أراد عثمان أن يتبتل فنهاه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولو أجاز له ذلك لاختصينا. وخرج ابن ماجه عن عائشة قالت قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «النكاح من سنتي فمن لم يعمل بسنتي فليس مني وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم ومن كان ذا طول فلينكح ومن لم يجد فعليه بالصوم فإنه له وجاء».
وفي هذا رد على بعض جهال المتصوفة حيث قال: الذي يطلب الولد أحمق، وما عرف أنه هو الغبي الأخرق، قال الله تعالى مخبرا عن إبراهيم الخليل: {وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} [الشعراء: 84] وقال: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: 74]. وقد ترجم البخاري على هذا باب طلب الولد.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لابي طلحة حين مات ابنه: «أعرستم الليلة؟» قال: نعم. قال: «بارك الله لكما في غابر ليلتكما». قال فحملت. في البخاري: قال سفيان فقال رجل من الأنصار: فرأيت تسعة أولاد كلهم قد قرءوا القرآن. وترجم أيضا باب الدعاء بكثرة الولد مع البركة وساق حديث أنس بن مالك قال: قالت أم سليم: يا رسول الله، خادمك أنس أدع الله له. فقال: «اللهم أكثر مال وولده وبارك له فيما أعطيته».
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهم اغفر لابي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين». خرجه البخاري ومسلم.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم». أخرجه أبو داود. والاخبار في هذا المعنى كثيرة تحت على طلب الولد وتندب إليه، لما يرجوه الإنسان من نفعه في حياته وبعد موته. قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا مات أحدكم انقطع عمله إلا من ثلاث» فذكر: «أو ولد صالح يدعو له». ولو لم يكن إلا هذا الحديث لكان فيه كفاية.
الرابعة: فإذا ثبت هذا فالواجب على الإنسان أن يتضرع إلى خالقه في هداية ولده وزوجه بالتوفيق لهما والهداية والصلاح والعفاف والرعاية، وأن يكونا معينين له على دينه ودنياه حتى تعظم منفعته بهما في أولاه وأخراه، ألا ترى قول زكريا: {وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم: 4] وقال: {ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً}. وقال: {هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: 74]. ودعا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنس فقال: «اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيه». خرجه البخاري ومسلم، وحسبك.


{فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39)}
قوله تعالى: {فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ} قرأ حمزة والكسائي {فناداه} بالألف على التذكير، ويميلانها لان أصلها الياء، ولأنها رابعة. وبالألف قراءة ابن عباس وابن مسعود، وهو اختيار أبي عبيد. وروي عن جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال: كان عبد الله يذكر الملائكة في كل القرآن. قال أبو عبيد: نراه اختار ذلك خلافا على المشركين لأنهم قالوا: الملائكة بنات الله. قال النحاس: هذا احتجاج لا يحصل منه شي، لأن العرب تقول: قالت الرجال، وقال الرجال، وكذا النساء، وكيف يحتج عليهم بالقرآن، ولو جاز أن يحتج عليهم بالقرآن بهذا لجاز أن يحتجوا بقوله تعالى: {وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ} ولكن الحجة عليهم في قوله عز وجل: {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} [الزخرف: 19] أي فلم يشاهدوا، فكيف يقولون إنهم إناث فقد علم أن هذا ظن وهوى. وأما {فناداه} فهو جائز على تذكير الجمع، {ونادته} على تأنيث الجماعة. قال مكي: والملائكة ممن يعقل في التكسير فجرى في التأنيث مجرى ما لا يعقل، تقول: هي الرجال، وهي الجذوع، وهي الجمال، وقالت الاعراب. ويقوي ذلك قوله: {وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ} وقد ذكر في موضع آخر فقال: {وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ} [الأنعام: 93] وهذا إجماع.
وقال تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ} [الرعد: 23] فتأنيث هذا الجمع وتذكيره حسنان.
وقال السدي: ناداه جبريل وحده، وكذا في قراءة ابن مسعود.
وفي التنزيل: {يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ} يعني جبريل، والروح الوحي. وجائز في العربية أن يخبر عن الواحد بلفظ الجمع. وجاء في التنزيل {الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ} [آل عمران: 173] يعني نعيم بن مسعود، على ما يأتي.
وقيل: ناداه جميع الملائكة، وهو الأظهر. أي جاء النداء من قبلهم.
قوله تعالى: {وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ} {وَهُوَ قائِمٌ} ابتداء وخبر {يُصَلِّي} في موضع رفع، وإن شئت كان نصبا على الحال من المضمر. {أَنَّ اللَّهَ} أي بأن الله. وقرأ حمزة والكسائي {إن} أي قالت إن الله، فالنداء بمعنى القول. {يُبَشِّرُكَ} بالتشديد قراءة أهل المدينة. وقرأ حمزة {يبشرك} مخففا، وكذلك حميد بن القيس المكي إلا أنه كسر الشين وضم الياء وخفف الباء. قال الأخفش: هي ثلاث لغات بمعنى واحد. دليل الأولى هي قراءة الجماعة أن ما في القرآن من هذا من فعل ماض أو أمر فهو بالتثقيل، كقوله تعالى: {فَبَشِّرْ عِبادِ} [الزمر: 17] {فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ} [يس: 11] {فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ} [هود: 71] {قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ} [الحجر: 55]. وأما الثانية وهي قراءة عبد الله بن مسعود فهي من بشر يبشر وهي لغة تهامة، ومنه قول الشاعر:
بشرت عيالي إذ رأيت صحيفة *** أتتك من الحجاج يتلى كتابها
وقال آخر:
وإذا رأيت الباهشين إلى الندى *** غبرا أكفهم بقاع ممحل
فأعنهم وابشر بما بشروا به *** وإذا هم نزلوا بضنك فأنزل
وأما الثالثة فهي من أبشر يبشر إبشارا قال:
يا أم عمرو أبشري بالبشرى *** موت ذريع وجراد عظلى
قوله تعالى: {بِيَحْيى} كان اسمه في الكتاب الأول حيا، وكان اسم سارة زوجة إبراهيم عليه السلام يساره، وتفسيره بالعربية لا تلد، فلما بشرت بإسحاق قيل لها: سارة، سماها بذلك جبريل عليه السلام. فقالت: يا إبراهيم لم نقص من اسمي حرف؟ فقال إبراهيم ذلك لجبريل عليهما السلام. فقال: «إن ذلك الحرف زيد في اسم ابن لها من أفضل الأنبياء اسمه حيي وسمي بيحيى». ذكره النقاش.
وقال قتادة: سمي بيحيى لان الله تعالى أحياه بالايمان والنبوة.
وقال بعضهم: سمي بذلك لان الله تعالى أحيا به الناس بالهدى.
وقال مقاتل: اشتق اسمه من اسم الله تعالى حي فسمي يحيى.
وقيل: لأنه أحيا به رحم أمه. {مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ} يعني عيسى في قول أكثر المفسرين. وسمي عيسى كلمة لأنه كان بكلمة الله تعالى التي هي {كُنْ} فكان من غير أب. وقرأ أبو السمال العدوي {بِكَلِمَةٍ} مكسورة الكاف ساكنة اللام في جميع القرآن، وهي لغة فصيحة مثل كتف وفخذ.
وقيل: سمي كلمة لان الناس يهتدون به كما يهتدون بكلام الله تعالى.
وقال أبو عبيد: معنى: {بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ} بكتاب من الله. قال: والعرب تقول أنشدني كلمة أي قصيدة، كما روي أن الحويدرة ذكر لحسان فقال: لعن الله كلمته، يعني قصيدته. وقيل غير هذا من الأقوال. والقول الأول أشهر وعليه من العلماء الأكثر. و{بِيَحْيى} أول من آمن بعيسى عليهما السلام وصدقه، وكان يحيى أكبر من عيسى بثلاث سنين ويقال بستة أشهر. وكانا ابني خالة، فلما سمع زكريا شهادته قام إلى عيسى فضمه إليه وهو في خرقه. وذكر الطبري أن مريم لما حملت بعيسى حملت أيضا أختها بيحيى، فجاءت أختها زائرة فقالت: يا مريم أشعرت أني حملت؟ فقالت لها مريم: أشعرت أنت أني حملت؟ فقالت لها: وإني لأجد ما في بطني يسجد لما في بطنك. وذلك أنه روي أنها أحست جنينها يخر برأسه إلى ناحية بطن مريم. قال السدي: فذلك قول: {مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ}. و{مُصَدِّقاً} نصب على الحال. و{سَيِّداً} السيد: الذي يسود قومه وينتهي إلى قوله، وأصله سيود يقال: فلان أسود من فلان، أفعل من السيارة، ففيه دلالة على جواز تسمية الإنسان سيدا كما يجوز أن يسمى عزيزا أو كريما. وكذلك روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال لبني قريظة: «قوموا إلى سيدكم».
وفي البخاري ومسلم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في الحسن: «إن ابني هذا سيد ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» وكذلك كان، فإنه لما قتل علي رضي الله عنه بايعه أكثر من أربعين ألفا وكثير ممن تخلف عن أبيه وممن نكث بيعته، فبقي نحو سبعة أشهر خليفة بالعراق وما وراءها من خراسان، ثم سار إلى معاوية في أهل الحجاز والعراق وسار إليه معاوية في أهل الشام، فلما تراءى الجمعان بموضع يقال له مسكن من أرض السواد بناحية الأنبار كره الحسن القتال لعلمه أن إحدى الطائفتين لا تغلب حتى تهلك أكثر الأخرى فيهلك المسلمون، فسلم الامر إلى معاوية على شروط شرطها عليه، منها أن يكون الامر له من بعد معاوية، فالتزم كل ذلك معاوية فصدق قول عليه السلام: «إن ابني هذا سيد» ولا أسود ممن سوده الله تعالى ورسوله. قال قتادة في قوله تعالى: {وَسَيِّداً} قال: في العلم والعبادة. ابن جبير والضحاك: في العلم والتقى. مجاهد: السيد الكريم. ابن زيد: الذي لا يغلبه الغضب.
وقال الزجاج: السيد الذي يفوق أقرانه في كل شيء من الخير. وهذا جامع.
وقال الكسائي: السيد من المعز المسن.
وفي الحديث: «ثني من الضأن خير من السيد المعز». قال:
سواء عليه شاة عام دنت له *** ليذبحها للضيف أم شاة سيد
{وَحَصُوراً} أصله من الحصر وهو الحبس. حصرني الشيء واحصرني إذا حبسني. قال ابن ميادة:
وما هجر ليلى أن تكون تباعدت *** عليك ولا أن أحصرتك شغول
وناقة حصور: ضيقة الإحليل. والحصور الذي لا يأتي النساء كأنه محجم عنهن، كما يقال: رجل حصور وحصير إذا حبس رفده ولم يخرج ما يخرجه الندامى. يقال: شرب القوم فحصر عليهم فلان، أي بخل، عن أبي عمرو. قال الأخطل:
وشارب مربح بالكأس نادمني *** لا بالحصور ولا فيها بسوار
وفي التنزيل {وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً} [الإسراء: 8] أي محبسا. والحصير الملك لأنه محجوب.
وقال لبيد:
وقماقم غلب الرقاب كأنهم *** جن لدى باب الحصير قيام
فيحيى عليه السلام حصور، فعول بمعنى مفعول لا يأتي النساء، كأنه ممنوع مما يكون في الرجال، عن ابن مسعود وغيره. وفعول بمعنى مفعول كثير في اللغة، من ذلك حلوب بمعنى محلوبة، قال الشاعر:
فيها اثنتان وأربعون حلوبة *** سودا كخافية الغراب الأسحم
وقال ابن مسعود أيضا وابن عباس وابن جبير وقتادة وعطاء وأبو الشعثاء والحسن والسدي وابن زيد: هو الذي يكف عن النساء ولا يقربهن مع القدرة. وهذا أصح الأقوال لو جهين: أحدهما أنه مدح وثناء عليه، والثناء إنما يكون عن الفعل المكتسب دون الجبلة في الغالب.
الثاني أن فعولا في اللغة من صيغ الفاعلين، كما قال:
ضروب بنصل السيف سوق سمانها *** إذا عدموا زادا فإنك عاقر
فالمعنى أنه يحصر نفسه عن الشهوات. ولعل هذا كان شرعه، فأما شرعنا فالنكاح، كما تقدم.
وقيل: الحصور العنين الذي لا ذكر له يتأتى له به النكاح ولا ينزل، عن ابن عباس أيضا وسعيد ابن المسيب والضحاك.
وروى أبو صالح عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «كل ابن آدم يلقى الله بذنب قد أذنبه يعذبه عليه إن شاء أو يرحمه إلا يحيى بن زكريا فإنه كان {سَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ}» ثم أهوى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده إلى قذاة من الأرض فأخذها وقال: «ان ذكره هكذا مثل هذه القذاة».
وقيل: معناه الحابس نفسه عن معاصي الله عز وجل. {وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} قال الزجاج: الصالح الذي يؤدي لله ما افترض عليه، وإلى الناس حقوقهم.

7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14